ملفان رئيسيان فرضا نفسيهما على مختلف الاهتمامات السياسية والامنية اللبنانية والفلسطينية، إستقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة بطريقة "مفاجئة و"ملتبسة"، والحراك الفلسطيني والحمساوي منه خاصة على الساحة اللبنانية، خلال زيارة قام بها حسام بدران، الذي تسلم مهمة العلاقات الوطنية الفلسطينية خلفا للدكتور موسى أبو مرزوق، الذي بات مسؤولا عن العلاقات العربية والاسلامية، حيث عقد سلسلة لقاءات مع مختلف القوى الفلسطينية في بيروت وبعضها قدم من دمشق.
استقالة الحريري
في الملف الاول، فرضت إستقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية بطريقة مفاجئة زمانا ومكانا وخطابا نفسها بنداً طارئاً على الإهتمامات السياسية والأمنية الصيداوية والفلسطينية كما اللبنانية والعربية، لمعرفة حقيقتها "الملتبسة" ومتابعة تفاصيل تداعياتها، كأن المدينة لم تصحُ بعد من الصدمة، خيم عليها الهدوء، إلتزمت غالبية قواها السياسية الصمت، على وقع غياب أي حراك تضامني شعبي على الأرض بإنتظار ما ستؤول اليه الأمور في الأيام المقبلة.
وبعيداً عن التحليلات والتساؤلات ومنها، هل ان إستقالة الحريري جاءت إستجابة لضغوط سعودية؟، أم قناعة منه وتعبيراً عن رفضه لزجّ لبنان في أتون الصراع في المنطقة؟، او التدخل في الشؤون العربية في سوريا واليمن والعراق والكويت وسواها، وفق ما تقول مصادر "المستقبل" إن الاستقالة جاءت رسالة واضحة عن وجود ازمة داخليّة وبمثابة إنتهاء التسوية السياسية التي حملت الرئيس ميشال عون الى سدة الرئاسة الأولى بعد فراغ طويل والحريري نفسه الى رئاسة الحكومة أو بمعني آخر "طلاق" سعودي إيراني بلا رجعة.
القراءة الصيداوية
في القراءة الصيداوية، فان الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري الدكتور أسامة سعد اعتبر استقالة الحريري بانها "تمت في ظروف تثير الكثير من علامات الاستفهام، وهي نسخة عن التوجهات السعودية، وتتلاقى مع العقوبات الأميركية والتهديدات الإسرائيلية"، معترضا عليها كل الاعتراض، سواء لجهة مكان إعلانها وتوقيتها، أم لجهة مضمونها التصعيدي الذي ينسف التفاهمات المتوافق عليها"، مضيفا "هي المرة الأولى في تاريخ لبنان الذي يستقيل فيها رئيس حكومة لبنان من خارج لبنان، ما يشكّل انتقاصاً للسيادة اللبنانية وإساءة لكرامة الشعب اللبناني والاستقالة جاءت خارج سياق التهدئة السياسية في لبنان ومفاجئة لجهة التوقيت، مشددا في الوقت نفسه "على أولوية المحافظة على الاستقرار في لبنان أمنياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً.
بالمقابل، حرص تيار "المستقبل" على إلتزام الصمت وعدم التعليق على الإستقالة، بإنتظار الأيام المقبلة، في وقت أجرت فيه النائب بهية الحريري سلسلة من الإتصالات والمشاورات بعيدة عن الأضواء وخاصة مع منسقية "التيار" الذي أوعز لمناصريه عدم القيام بأي تحرك تضامني.
إهتمام فلسطيني
بالتوازي في هذا الملف، إهتمت القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية، بمتابعة تفاصيل إستقالة الرئيس الحريري وسط تأكيد على إلتزام الموقف الرسمي الموحد في "الحياد الإيجابي" وعدم التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، على اعتبار انها على مسافة واحدة من جميع القوى اللبنانية وان التوافق اللبناني هو دعم للقضية الفلسطينيّة وشعبها في المخيّمات.
وأبلغت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن دقّة الوضع السياسي والأمني في لبنان يستدعي بدء حراك سياسي فلسطيني داخلي ومع القوى اللبنانية لتأكيد حيادية الفلسطيني مجددا، وتجنيب المخيمات أي خضّات أمنيّة أو محاولة زج العنصر الفلسطيني في أيّ توتير محتمل.
حراك حمساوي
وفي الملفّ الثاني، فإن زيارة عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، ورئيس مكتب العلاقات الوطنية، حسام بدران إلى لبنان والتي إستمرت خمسة أيام للمشاركة وتمثيل الحركة في المؤتمر الذي نظّمه الإتحاد العالمي لعلماء المقاومة في الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم، دفعت بالحراك الفلسطيني قدما الى الامام تحت عنواني، المصالحة الوطنية وترتيب البيت الفلسطينية، وتحصين أمن المخيمات في لبنان، على ضوء التطورات الاخيرة السياسية.
والتقى بدران، سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية اشرف دبور، وفود من "الجبهة الشعبية" برئاسة نائب الأمين العام للجبهة أبو أحمد فؤاد، "جبهة النضال الشعبي" برئاسة الأمين العام خالد عبد المجيد، "القيادة العامة" برئاسة عضو المكتب السياسي ومسؤول دائرة التوجيه والإعلام المركزي أنور رجا، "الجبهة الديمقراطية" برئاسة نائب الأمين العام فهد سليمان، "جبهة التحرير الفلسطينية"، برئاسة نائب الأمين العام أبو نضال الأشقر.
واكدت مصادر المشاركين لـ"النشرة" ان اللقاءات تمحورت حول أهمية الاتفاق الموقّع بين حركتي "فتح" و"حماس" في القاهرة وضرورة تطبيق ما تم الاتفاق عليه وفق الجدول الزمني وعلى كافة المستويات، تعزيزاً للوحدة الوطنية الفلسطينية في وجه الاعتداءات الاسرائيلية المستمرة ضد أبناء الشعب الفلسطيني ومقدساته الاسلامية والمسيحية، ومواجهة السياسات الاسرائيلية المتطرفة الهادفة لضرب المشروع الوطني الفلسطيني، وضرورة الحفاظ على "العمل الفلسطيني المشترك في لبنان، وحماية الوجود الفلسطيني وتعزيز العلاقات الاخوية اللبنانية-الفلسطينية".
وأطلع بدران الوفود الفلسطينية على آخر المستجدات المتعلقة بالمصالحة، مؤكداً لهم بأنّ حركة حماس اتخذت قراراً استراتيجياً حاسماً لا رجعة عنه بإنهاء الإنقسام وإتمام المصالحة، مشددا أنّ ذلك يأتي في إطار حرص الحركة على ترتيب البيت الفلسطيني، والاتفاق على مشروع وطني قائم على الثوابت والمقاومة، في مواجهة المشروع الغربي الصهيوني الذي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، آملاً أن يكون اجتماع الفصائل في القاهرة في 12 تشرين الثاني الجاري فرصة لتحقيق ذلك، مثمناً الدور المصري الراعي للمصالحة.